جميع الحقوق محفوظة.لــمدونتة سمــــا المصرية. يتم التشغيل بواسطة Blogger.


كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية منذ أيام عن مخطط صهيوني لاطلاق حملة دولية واسعة النطاق للاعتراف بوضعية مئات ألوف يهود الدول العربية ممن هاجروا إلى إسرائيل عقب إنشائها كلاجئين. وذكرت الصحيفة أن مشرعين أمريكيين، ورجال قانون يهود يشاركون في هذه الحملة التي تضم أيضا الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بقيادة داني ايالون نائب وزير الخارجية.
وأوضحت معاريف في 10 آب/أغسطس الجاري أن" المرحلة التالية من الحملة سوف تكون محاولة الشروع في مفاوضات مع بعض الدول العربية للحصول على تعويضات عن الأملاك التي أممتها السلطات" وقدرت مصادر قيمة أملاك اليهود بمليارات الدولارات.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي كبير قوله "نحن نسمع طوال الوقت عن اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، ولكن ليس عن حق اليهود الذين طردوا عمليا من الدول العربية، وسلبوا من حقوقهم واملاكهم من معظمها.. حان الوقت لعرض الصورة الكاملة ونيل الاعتراف التاريخي".
طرح قديم جديد...
الكاتب والباحث الفلسطيني حمد الموعد أوضح في اتصال مع موقع "روسيا اليوم" أن مطالبة إسرائيل بالتعويض عن أملاك اليهود في البلدان العربية ليس أمرا جديداً "المطالبات بدأت مباشرة بعد النكبة وقيام دولة إسرائيل في العام 1948 على عدة مستويات"، ولفت الموعد إلى أنه "في كل المؤتمرات الدولية التي كنا نحضرها كانت تثار قضية أملاك اليهود في البلدان العربية عندما تطرح قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة والتعويض عن أملاكهم المدمرة أو المصادرة جراء النكبة".
فيما اعتبر الناشط في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين في اتحاد لجان حق العودة غسان عبود في اتصال مع موقع "روسيا اليوم" أن "إسرائيل تهدف إلى الالتفاف على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها في العام 1948 وما بعده عبر طرح موضوع الليهود الذين غادروا البلدان العربية طوعاً، أو نتيجة لعمل إسرائيل ذاتها على تهجيرهم لزيادة عدد سكانها وحل المسألة الديمغرافية، وتأمين أغلبية سكانية في فلسطين التاريخية، وأن تضعهم كمبرر لعدم التزامها بحق اللاجئين بالعودة حسب القانون الدولي".
الصحيفة الإسرائيلية معاريف أفادت بأن اطلاق القضية في الساحة الدولية سوف يتزامن مع مداولات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 21 سبتمبر/ أيلول المقبل. وذكرت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وجهت دعوات لرجال قانون ذوي خبرة وسمعة مثل آلين درشوفيتس وأرفين كوتلر، ووزير العدل الكندي. وذكرت أن الوزارة "سوف تعقد مؤتمرا واسع المشاركة في القدس بحضور  ممثلين عن الكونغرس اليهودي العالمي، ومنتدى البرلمانيين اليهود العالمي ومكتب المواطنين القدامى، إضافة إلى عضو الكونغرس الديمقراطي جيري ندلر، الذي بادر قبل أربع سنوات الى قانون في الكونغرس الامريكي يقضي برفع موضوع حقوق اليهود العرب على جدول الاعمال الدولي".
معاريف أوردت احصاءات تشير إلى أن " 865 الف يهودي كانوا يسكنون عشية قيام إسرائيل في الدول العربية، من المغرب في الغرب وحتى العراق في الشرق، هاجروا الى اسرائيل في فترة قيام الدولة بسبب الاضطهادات التي عانوا منها". وقالت إن "نحو 600 ألف يهودي وصلوا الى إسرائيل أغلبهم بدون أي ممتلكات بعد أن سلبت أملاكهم، فيما وجد 260 ألف يهودي ملجأ لهم في اوروبا وفي الولايات المتحدة". ونقلت عن منسق المشروع في وزارة الخارجية دانييل مرون إن "نائب وزير الخارجية داني ايالون قرر أنه حان الوقت لرفع هذا الموضوع الى سطح الساحة الدولية" وأجمل قائلا     إنه " مضى وقت طويل جدا على تجاهل حكومات اسرائيل مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية".
ولا تزر وازرة وزر أخرى..
الباحث حمد الموعد صاحب عشرات الدراسات والكتب في موضوع إسرائيل وحق العودة لفت إلى أن "اللاجئين الفلسطينيين غير مسؤولين عن أملاك اليهود في البلدان العربية، وهم لم يستولوا عليها.. ولا يجوز استبدال أملاك الفلسطينيين بأملاك اليهود" وأوضح أن "إسرائيل تحاول أن تدعي بأن البلدان العربية هي التي طردت اليهود وهجرتهم وبالتالي فإنها مسؤولة عن تعويضهم عن هذه الأملاك المفقودة" وأكد الموعد أن "الواقع  يوضح بأن إسرائيل هي التي شجعت الهجرة وأوجدت عصابات وحركات في سورية والعراق ولبنان ومصر والمغرب لتسهيل تهجير اليهود".
ولفت الموعد إلى أنه انطلاقا من القانون الدولي ومبدأ "لا تزر وازرة وزر أخرى" فإنه "بغض النظر فيما إذا كان هناك أملاك لليهود أو لم تكن فهذه قضية تبحثها إسرائيل مع البلدان العربية في شكل منفرد أو جماعي مع البلدان العربية.. والثابت أنه كانت للفلسطينيين أملاك مسجلة ما يعني أن لهم حقا في التعويض لا يسقط بالتقادم، ولا يجوز لأحد أن يسقط هذا الحق سواء كان مؤسسة حكومية أو جهة فردية وهناك تجارب في القانون الدولي مثل قضية أملاك المواطنين القبارصة في فلسطين تثبت أن هذه القضايا رابحة". 
ويرى غسان عبود أن " إسرائيل تسعى بطرح هذا الموضوع إلى مراكمة قرارات أو توجهات تخدم سياستها وتكون أرضية لأي مفاوضات مقبلة"  فيما يعتقد حمد الموعد أن "إسرائيل تريد أن تخلق مشكلة تغطي على المشكلة الحقيقية وتشتت الانتباه ... فهي لا تريد أن يتم بحث قضية اللاجئين في شكل معمق وتفصيلي في قضايا الحال النهائي لهذا تتذرع ترة بأنها غير مسؤولة، وتطرح تارة قضية أملاك اليهود في البلدان العربية، وتروج أحيانا إلى أن أملاك الفلسطينيين هي غنائم حرب كسبتها وأن البلدان العربية هي التي حثت الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم وبالتالي فهي لم تطردهم ولا تتحمل وزر أملاكهم".
واستبعد الحمد أن يكون هدف الطرح في هذا التوقيت هو الترويج لموضوع توطين الفلسطينيين لأن "الناس منشغلون بما يسمى الربيع العربي والتطورات، ولا توجد ضغوط جدية على الولايات المتحدة ووإسرائيل لمنح أي اهتمام للقضية الفلسطينية"، واعتبر أن طرح تعويض أملاك اليهود "مجالا للمناورة وإلهاء الجمهور وتشتيت الأضواء، وهي تتجاهل القانون الدولي وتفرض رأيها بيهودية الدولة مايعني عمليا تحويل إسرائيل إلى غيتو يهودي وحرمان أكثر من (1,5) مليون فلسطيني في إسرائيل من أي حق إنساني تمهيدا لطردهم".
الصحافة المصرية اهتمت بالخبر، وأشارت بعضها إلى أن ممتلكات اليهود   آلت في مصر بعد قيام ثورة يوليو إلى ملكية الدولة بموجب قانون بنك ناصر رقم 66 لسنة 1971 باعتبارها أملاك غائبين. وقدرت مصادر قيمتها بنحو مليار جنيه مصري حينها. ولفتت الصحافة المصرية إلى أن أعداد اليهود في مصر بداية الخمسينات كانت في حدود 100 ألف لم يتبق منهم 25 شخصا من كبار السن. وذكرت مصادر أن إسرائيل تطالب بتعويضات تصل إلى 21 مليار دولار إضافة إلى معابد وساحات ومدارس وأملاك أخرى.
الباحث حمد الموعد لا يستبعد أن "تفرض إسرائيل في ظل الرعاية الأمريكية واختلال موازين القوى على العرب تعويض ممتلكات اليهود لكن من دون أن تستطيع دعم عودة الفلسطينيين والتعويض عن ممتلكاتهم". واعتبر أن المنطقة تستقطب العالم مرة أخرى وأن الواقع "يعيد طرح مسألة التدخل الدولي الغربي الاستعماري إلى الواجهة لتدمير البلدان العربية وتحويلها إلى ركام وإعادة انتاج المثال العرقي والصومالي والليبي" وأعرب عن مخاوفه من مصير الفلسطينيين "لأنهم الطرف الأضعف في الساحة الدولية وموازين القوى لا تسمح حاليا بأن يطرح حقوقه في متطلبات السلام أو حتى وقف الاستيطان". فيما يشدد الناشط غسان العبود أن "على إسرائيل والعالم أن يدركوا انه لا سلام ولا استقرار في منطقة الشرق الوسط، ولا حلول للصراع دون حل يرضي اللاجئين الفلسطينيين".
وشكلت إسرائيل فريقا من متطوعين يهود مهمته جرد وإحصاء أملاك اليهود وعقاراتهم . وأوعزت اللجنة البرلمانية لشؤون الرقابة بالكنيست الإسرائيلي للطاقم المتطوع بالسفر إلى الدول العربية   لتجهيز دعاوى التعويضات التي سيتم تحريكها بموجب القانون الذي شرعته إسرائيل ويشترط  في أي تسوية سياسية واتفاق سلام بين الدول العربية وإسرائيل، دفع تعويضات لليهود عن عقاراتهم وأملاكهم التي تقدر بنحو أربعمائة مليار دولار.
وأخيرا فأغلب الظن ألا يحسم هذا الموضوع سريعا، وانه محاولة إسرائلية للرد على تحريك قضية اللاجئين الفلسطينيين بالمحافل الدولية لوضع ظروف تعجيزية تحول دون أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين في أي من قضايا الحل النهائي وفي مقدمها موضوع حق العودة.
سامر الياس
المقالة تعبير عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)



اذا اعجبتك هذه التدوينة فلا تنسى ان تشاركها وتساعدنا على نشر المدونة ، كما يسعدنا ان تنضم الى قائمة المشاركين في سما بلوجر من خلال (نشرات rss)

احصائيات المدونـــة

Translate

اعضاء سمـــــا

مشاركات المدونـــة